فهرس الكتاب
الصفحة 356 من 614

ج/ أقول: لا إشكال في هذا الحديث أبدًا لكن يجب أن تفهم أولا: أنه لا يمكن أبدًا أن تتعارض النصوص الشرعية التي ثبتت صحتها، ولا يمكن أن يكون فيها ما يدعو إلى نهي عنه أبدا، فيجب عليك أن تعتقد ذلك وما ورد عليك مما تتوهم فيه مخالفة أو معارضة فعليك بالاستعانة بالله تعالى في كشفه ثم بسؤال أهل العلم الراسخين في بيانه، وهذا الحديث قد وردت فيه روايات يبين بعضها بعضًا ويفسر بعضها بعضًا ففي جامع الترمذي إن هذا الأعمى قال (اللهم إني أسالك وأتوسل إليك بنبيك ممد صلى الله عليه وسلم في الرحمة لي اللهم شفعه في) وقد تقدم لك أن التوسل في عرف الصحابة يراد به طلب الدعاء من الغير ولذلك ففي روية في جامع الترمذي وسنن ابن ماجه أن هذا الأعمى قال للنبي صلى الله عليه وسلم (ادع الله أن يعافيني فقال له إن شئت دعوت وإن شئت صبرت، قال: فادعه) فهذا يبين أن هذا التوجه المذكور في حديث السؤال إنما يراد به طلب الدعاء منه، لا أنه توسل بذاته أو بجاهه كما قد فهمه بعض الغالطين، ويوضح ذلك لفظ النسائي فإن الأعمى قال للنبي صلى الله عليه وسلم (ادع الله أن يكشف لي عن بصري الحديث.) وفي المسند أن ذلك الأعمى قال: ادع الله أن يعافيني، فهذا الحديث كحديث عمر السابق (اللهم إنا كنا نتوسل بنبيك الحديث.) فهذان الحديثان شيء واحد. فالتوجه المذكور والتوسل الوارد غنما يراد به طلب الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم وسؤال الشفاعة منه وهو حي وهذا أمر لا تنازع فيه بل قد ذكرنا أن حديث الأعمى من جملة الأدلة على جوازه ويوضح ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم بعد موته إنما كانوا يتوسلون بغيره بدلاً عنه، فلو كان التوسل به حياً وميتاً سواء لما عدلوا عن التوسل به بعد موته إلى التوسل بعمه العباس رضي الله عنه، وهذا واضح إن شاء الله تعالى والله أعلم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام