الرابع: التوسل إلى الله تعالى بدعاء الحي الحاضر القادر، ودليله حديث أنس في الصحيح أن رجلا دخل المسجد من نحو دار القضاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وجاع العيال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال (الله أغثنا) ثلاثا قال أنس فلا والله ما في السماء من سحاب ولا قزعة حتى خرجت من وراء سلع سحابة سوداء ثم توسطت السماء فأمطرت فلا والله ما رأينا الشمس أسبوعا كاملا الحديث) ومنه حديث أنس في طلب عمر رضي الله عنه من العباس أن يدعو للمسلمين، وهذا دعاء أقره عليه جميع الصحابة، ولم ينكره أحد مع شهرته، وهو من أظهر الإجماعات الإقرارية، وكذا فغل معاوية رضي الله عنه لما أصابهم القحط في الشام فإنه أمر يزيد بن الأسود أن يتقدم الناس ويدعو، ومنه أيضا أمر النبي صلى الله عليه وسلم من لقي أويساً القني أن يطلب منه أن يدعو له، ومنه أيضا حديث الأعمى الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يدعو له أن يرد الله تعالى عليه بصره، ومنه أيضا طلب أم سليم منه صلى الله تعالى عليه وسلم أن يدعو لأنس، والأدلة على ذلك كثيرة شهيرة.
الخامس: التوسل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، ودليله حديث ابن عمر في توسل الثلاثة من بني إسرائيل الذين انطبقت عليهم الصخرة، وسدت عليهم باب الغار فقال بعضهم لبعض (إن الله تعالى لن ينجيكم من أمر هذه الصخرة إلا >أن تدعو الله تعالى بصالح أعمالكم) فتوسل الأول ببره بوالديه، وتوسل الثاني بعفته وخوفه من الله تعالى، وتوسل الثالث بأمانته وحفظ عهده وفي آخره (فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون) متفق عليه.