فهرس الكتاب
الصفحة 332 من 614

المسلم فسوق وقتاله كفر) والوصف بالفسوق والكفر الأصغر دليل على أن هاتين المعصيتين قد أثرتا تأثيرا بليغا في نقص الإيمان مما يدل على أن فعل المعصية ينقص الإيمان بقدر هذه المعصية. وفي الصحيحين من حديث حذيفة (لا يدخل الجنة قتات) أي نمام، فهذه المعصية أنقصت الإيمان الواجب نقصا كبيرا بحيث أن صاحبها حكم عليه بأنه لا يدخل الجنة،والنصوص على ذلك كثيرة جدا لا تكاد تحصر، وتفيد بمجموعها أن فعل المعاصي ينقص الإيمان، والدليل على أن فاعل الكبيرة لا يخرج عن مسمى الإيمان قوله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف وأداءً إليه بإحسان ) )فوصف القاتل بأنه أخٌ للمقتول مما يدل على أنه لا يزال على الإيمان مع اتصافه بالقتل فعلمنا بذلك أن ارتكاب الكبيرة لا يخرج عن مسمى الإيمان ومن ذلك قوله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) فسماهم مؤمنين مع اتصافهم بقتال بعضهم بعضاً ـ وقال في آخرها (إنما المؤمنون إخوة) فوصفهم بالإيمان وجعلهم إخوة مما يدل على أنه لا يزال بينهم أخوة الإيمان، فعلمنا بذلك أن ارتكاب الكبيرة لا يخرج العبد من دائرة الإيمان بالكلية، وفي حديث عياض الملقب حماراً أنه كان يشرب الخمر فيؤتى به فيجلد فلعنه أحد الصحابة فقال عليه الصلاة والسلام (لا تلعنه فوالله أني لا أعلم إلا أنه يحب الله ورسوله) ومن المعلوم أن شرب الخمر من الكبائر ومع ذلك أثبت له أنه يحب الله ورسوله أي هو مؤمن، فأثبت له الإيمان مع تلبسه بهذه الكبيرة فعلمنا بذلك أن ارتكاب الكبيرة لا يخرج العبد من مسمى الإيمان بالكلية. وقد أتفق أهل السنة على ذلك إذا علمت هذا فاعلم أن المرجئة يقولون: فاعل الكبيرة له الإيمان المطلق أي أن إيمان أفسق الناس كإيمان أصلح الناس ففعل الكبيرة غير الشرك لا يؤثر في نقص الإيمان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام