الثاني: أنهم لا يأخذون الكتاب والسنة على فهم السلف بل يبتدعون من عندهم المعاني الغريبة والاصطلاحات العويصة ويقولون: هذا معنى هذا النص، وقد تقرر في القواعد أنه لا بد من فهم الكتاب والسنة فهماً يوافق فهم السلف، فهم أكبر عقولاً وأصح فهوماً وأعمق علوماً ممن أتى بعدهم، فالمبتدعة مثلاً يفهمون من نصوص الصفات معانٍ بعيدة كل البعد عن فهم السلف، فهم لا يفهمون منها إلا ما يفهمونه من صفاتنا، وأما السلف فإنهم يثبتون لله ما أثبته لنفسه ويعتقدون أنه ليس كمثله شيء , وهكذا فالمبتدعة على اختلاف فرقهم لا يعتمدون فهم السلف للنصوص أبداً ولا ينظرون فيه فأنت ترى أن هؤلاء المبتدعة قد جمعوا بين بليتين فهم لا يقتصرون على الكتاب والسنة في مسائل الاعتقاد ولا يفهمونها على فهم السلف، فنعوذ بالله من حال أهل الأهواء.
الثالث: أنهم يبنون استدلالهم على القواعد المناقضة للمعقول والمخالفة للمنقول والمعارضة لمنهج السلف في الاستدلال، فهم يستدلون بالمتشابه ويدعون المحكم ويأخذون بطرف من النصوص ويدعون الآخر ويقدمون العقل على النقل ويثبتون أمور الغيب بالقياس ويأخذون بالمجمل ويدعون المبين ويفسرون بعض ألفاظ القرآن على غير ما تعرفه العرب من كلامها وهكذا فالقوم يقعدون القاعدة على ما تمليه عقولهم القاصرة وينزلون النصوص عليها فوقعوا في الضلال ومخالفة النصوص.
الرابع: أنهم يخوضون في النصوص بلا علم ولا برهان ولا يقفون حيث وقف النص بل يقحمون عقولهم فيما لا مجال لها فيه كخوضهم في باب القدر وباب الصفات ونحوها والسلامة في الوقوف عند ما وقف عليه النص.
الخامس: كثرة جدالهم وخصوماتهم ومرائهم.