فهرس الكتاب
الصفحة 249 من 614

ج/ القاعدة عند أهل السنة والجماعة أن أسماء الله تعالى لا تحصر بعدد معين، والدليل على ذلك ما رواه أحمد وأبن حبان والحاكم بسندٍ صحيح من حديث أبن مسعود رضي الله عنه في حديث الكرب، وفيه (أسألك بكل أسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ... الحديث) فهذا الحديث دليل على أن لله أسماء قد استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل، فقوله (استأثرت به) أي انفردت بعلمه، وما استأثر الله به في علم الغيب عنده لا يمكن لأحد حصره ولا الإحاطة به، فإن قلت: فماذا تقول في قوله صلى الله عليه وسلم (إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة) أوليس هذا دليلاً على الحصر، وبيان ذلك بضرب مثالين وهما:

الأول: لو قلت لك: إن عندي مائة بيتٍ شعري من حفظها أعطيته ألف ريال، فهل تفهم من هذا التركيب اللغوي أنه ليس عندي إلا مائة بيت فقط؟ بالطبع لا، ولكني حصرت هذه المكافأة فيمن حفظ من أبياتي هذا المقدار.

الثاني: لو قلت لك: إن عندي مائة درهم أعددتها للصدقة فهل تفهم من هذا التركيب أنه لا يوجد عندي إلا هذه الدراهم فقط؟ بالطبع لا، وإنما هذه الدراهم هي المعدة للصدقة فقط، وبناءً عليه فنقول: إن الله تعالى رتب دخول الجنة على من أحصى من أسمائه هذا المقدار، فكأنه يقول: إن من أحصى من أسمائي تسعة وتسعين اسماً فله الجنة أي أن هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة وهذا واضح، ويقال أيضاً: سلمنا أنه يفهم منه الحصر فإن الحديث الثاني (أو استأثرت به في علم الغيب عندك) أفادنا أن ما فهمناه من الحصر ليس مقصوداً، وفهمنا تابع للأدلة، لا أن الأدلة موقوفة على فهمنا فما وافقه منها قبلناه وما خالفه رددناه فإن هذا مسلك الهالكين من أهل البدع، وقد انعقدت قلوبنا على أنه لا تعارض بين نصين صحيحين مطلقاً والله أعلم

وقبل ختم الجواب أفيدك فائدتين:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام