فهرس الكتاب
الصفحة 235 من 614

.الأول: عجب يكون سببه خفاء الأسباب، وهو الذي يقول فيه الناس: إذا عرف السبب بطل العجب، فالموجب للتعجب هو خفاء السبب ومتى ما بان السبب وعلم زال ذلك العجب من أساسه، كفقير لا يملك شيئًا رأينا معه سيارة فارهة غالية الثمن، فنحن نتعجب لذلك، وسبب عجبنا هو خفاء السبب لكن علمنا بعد ذلك أن أحدًا تصدق بها عليه أو أنه سرقها أو أنه اشتراها بأقساط يسيرة يستطيع سدادها، فإننا بذلك يزول عجبنا لأننا علمنا السبب، فالعجب بهذا الاعتبار نقص لا يجوز وصف الله تعالى به؛ لأن مبناه على خفاء السبب، والله تعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ومن صفاته العلم الكامل الشامل لكل شيء، فليس هناك أشياء تخفى على الله تعالى فيتعجب منها حتى إذا ظهرت له أسبابها زال عجبه كلا والله هذا ما لا يتصور أبدًا، فسبحان الله وتعالى وتقدس وتعاظم عن أن يوصف بالعجب بهذا الاعتبار.

... الثاني: عجب يكون سببه خروج الشيء عن حكم نظائره، أي أن يكون هناك نظائر لها حكم واحد فيخرج منها فرد من أفرادها عن حكم نظائره، فيتعجب من هذا الخروج، مع أن سبب الخروج معلوم ليس بخافٍ ولكن التعجب من عين هذا الخروج، فهذا العجب كمال يوصف الله تعالى به، ودليل ذلك قوله تعالى: ? بل عجبتُ ويسخرون ? بضم التاء في قراءة سبعية متواترة، وقوله - عليه الصلاة والسلام: (( لقد عجب ربكما بصنيعكما بضيفكما البارحة ) )، وقوله - عليه الصلاة والسلام: (( عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب ) )، ويروى في الحديث: (( يعجب ربك إلى الشاب ليست له صبوة ) )، وغير ذلك من الأدلة، فالعجب المضاف إلى الله تعالى هنا هو العجب الذي يكون سببه خروج الشيء عن حكم نظائره، وبهذا التفصيل يتضح الجواب ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة، وهو أعلى وأعلم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام