فهرس الكتاب
الصفحة 232 من 614

.المثال الأول: صفة المكر، فإنها ليست من الكمال المطلق ولا من النقص المطلق، بل من الصفات التي هي كمال باعتبار ونقص باعتبار، فهي نقص باعتبار الابتداء، أي المكر ابتداءً بمن لا يستحق أن يمكر به فهذا نقص؛ لأنه ظلم فينزه الله تعالى عن المكر بهذا الاعتبار لأنه تعالى لا يظلم أحدًا وما ربك بظلام للعبيد، وأما المكر من باب الجزاء والمقابلة، أي المكر بمن يمكر فهذا كمال؛ لأنه دليل على كمال القدرة والعلم والحكمة، فيوصف الله به حينئذ، أي أن الله تعالى يوصف بالمكر الذي من باب الجزاء والمقابلة لا بالمكر ابتداءً، ولذلك لا تجدها في القرآن مضافة إلى الله تعالى إلا في الجزاء والمقابلة كقوله تعالى: ? ومكروا ومكر الله ?، وقال تعالى: ? ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ?، والله أعلم.

... المثال الثاني: الكيد، فإنه ليس من الصفات التي هي كمال مطلق، ولا من الصفات التي هي نقص مطلق، بل من الصفات التي هي كمال باعتبار ونقص باعتبار، فنثبت لله حال كمالها وتنفى عن الله حال نقصها، فالكيد ابتداءً بلا مقتضى ظلم والله منزه عن الظلم، فلا يوصف الله به، وأما الكيد من باب الجزاء المقابلة فإنه كمال؛ لأنه دليل على كمال القدرة والعلم الحكمة، فيوصف الله تعالى به حينئذٍ لأنه كمال، فنقول: الكيد ابتداءً نقص لا يوصف الله به، والكيد جزاءً ومقابلة كمال فيوصف الله به، ولذلك لا تجدها في القرآن مضافة إلى الله تعالى إلا في باب المقابلة كما قال تعالى: ? إنهم يكيدون كيدًا وأكيد كيدًا ?.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام