.. الأول: التحريف، وهو لغة: التغيير. واصطلاحًا: تغيير النص لفظًا أو دلالة. ونعني بالدلالة المعنى، وبه يتضح أن التحريف قسمان: تحريف للفظ النص بأن يزاد فيه أو ينقص منه أو تغير حركته، وقد يتغير معه المعنى وقد لا يتغير، وتحريف لمعنى النص، وهو تحريف دلالة النص، بأن يبقى اللفظ على ما هو عليه، ولكن تسلب دلالته الصحيحة ويقحم فيه معنى لا يدل عليه، ودونك الأمثلة:
... مثال تحريف اللفظ الذي تغير معه المعنى، تحريف اليهود لقوله تعالى: ? وقولوا حطة ? أي حط عنا ذنوبنا، فحرفوه وقالوا: (حنطة) فزادوا هذه النون، فهذه النون حرفت النص لفظًا ومعنى، ويسميها العلماء نون اليهود.
... ومثال آخر: تحريف الجهمية لقوله تعالى: ? ثم استوى على العرش ? فحرفوه إلى قولهم: (استولى) فزادوا فيه اللام، وبها يكون قد تغير النص لفظًا ومعنى، ويسميها العلماء لام الجهمية، وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم في النونية:
نون اليهود ولام جهمي هما
... ... في وحي العرش زائدتان
... ومثال آخر: في قوله تعالى: ? وكلم اللهُ موسى تكليمًا ? فحرفه بعضهم بنصب لفظ الجلالة الاسم الأحسن، وذلك لنفي صفة الكلام عن الله تعالى، ولما جاء بعضهم إلى أبي عمرو بن العلاء المقرئ المعروف واقترح عليه قراءة هذه الآية كذلك أي بنصب لفظ الجلالة قال له: هب أنني وافقتك فيكف تفعل بقوله تعالى: ? ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ? فسقط في يديه وبهت ذلكم المعتزلي.
... وأما مثال تحريف اللفظ الذي لم يتغير معه المعنى، فكنصب لفظ (الحمد) في قوله تعالى: ? الحمدُ لله رب العالمين ?.
... وأما مثال تعريف المعنى، فكتحريف الأشاعرة والمعتزلة والجهمية لصفات الله تعالى، مثل قولهم: المراد باليدين النعمة أو القدرة والمراد بالنزول إلى السماء الدنيا نزول الملك أو الأمراء أو الرحمة، ونحو ذلك كما سيأتي مفصلاً - إن شاء الله تعالى -.