فهرس الكتاب
الصفحة 158 من 614

.. الثاني: أن يقال: إن المتروك سؤالهم هم المجرمون الذين بلغوا في الإجرام حده كإبليس ومرده الشياطين، وكفرعون وهامان وقارون وأبي جهل ونحو هؤلاء الذين بلغوا الغاية في الإجرام، ولذلك قال تعالى في سياق قصة قارون: ? ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ?، وقال تعالى: ? فيومئذٍ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام ?، وهذا فيه بيان أن الذين لا يسألون هم عتاة الكفرة من الإنس والجن، والآيات التي أخبرت بالسؤال تكون في بقية الكفار وعصاة الموحدين، فالإخبار بترك سؤال البعض لا يلزم منه ترك سؤال الجميع، وهذا الوجه مرده إلى التفريق بين أصناف الكفرة، فمن عظم كفره واشتد جرمه لا يُسأل، ومن كان دون ذلك فإنه يُسأل، والله أعلم.

... الثالث: أن يقال: إن السؤال المنفي في الآيات إنما هو سؤال الاستخبار والاستعلام والاستعتاب والسؤال المثبت إنما هو سؤال التقريع والتوبيخ، فالكفار لا يسألون سؤال استعتاب كما قال تعالى: ? وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين ?، وقال تعالى: ? فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون ?، ولكنهم يسألون سؤال تقريع وتوبيخ زيادة في التنكيل بهم كما قال تعالى: ? وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يومًا من العذاب قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ?، وقال تعالى: ? ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ?، ونحو ذلك من الآيات.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام