.. الثاني: أن ينسبها إليها نسبة سبب فقط، بمعنى أنه يقول: إن الله هو الخالق للسقيا، ولكن من أسباب السقيا طلوع هذا النوء، فيقول: مطرنا بنوء كذا وكذا أي بسببه، وهذا شرك لكنه الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد الواجب؛ وذلك لأنه اعتقد سببًا ما ليس بسبب شرعًا ولا قدرًا، ولأنه وسيلة للشرك الأكبر المذكور في الحالة الأولى، وقد جعل الله تعالى هذه النسبة كذبًا وزورًا من القول، فقال: ? وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ?، وذلك لأنهم ينسبون هذه النعمة إلى النوء الفلاني والنجم الفلاني وفي الصحيح عن زيد بن خالد الجهني ? قال: صلى بنا رسول الله ? صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماءٍ كانت من الليل فلما سلم أقبل علينا بوجهه فقال: (( هل تدرون ماذا قال ربكم ) )؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: (( قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) ).
... وفي الصحيح أيضًا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - معناه وفيه: قال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا فأنزل الله تعالى: ? ويجعلون رزقكم أنكم تكذبون ? وقوله في حديث زيد ?: (( كافر بي ) )يراد به الكفر الأكبر إذا كانت النسبة نسبة إحداث وإيجاد ويراد به الكفر الأصغر إذا كانت النسبة نسبة سبب فقط، وقد جعلها النبي ? من أمر الجاهلية وهذا ذم لها وتنفير عن فعلها فقال: (( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن - وذكر منها - والاستسقاء بالأنواء ) )، ولأنها منافية للأدب مع الله إذ الواجب نسبة النعم كلها إلى الله تعالى إيجادًا وخلقًا.