الكلام في تقرير هذا المطلوب، يستدعي تقديم مقدمة في لفظ «الخلق» فنقول: لفظ الخلق، جاء بمعنى الإحداث تارة، وبمعنى التقدير أخرى.
أما الأول: فيدل عليه أمور: الأول: قوله تعالى: إِنّا كُلّ شيْءٍ خلقْناهُ بِقدرٍ [1] ولو كان الخلق
(1) سورة القمر، آية: 49
ويقول الدكتور علاء الدين أمير محمد مهدي. القزويني:
«أما ما يتعلق بأفعال الإنسان. فيمكن القول أن الله تعالى قضى بها عليه. على معنى: حكم بها عليه، وألزمه إياها وأوجبها، وهذا الإلزام: هو أمره له وليس على سبيل الإلجاء والإجبار.
كما يمكن أيضا القول أن الله قدر أفعال الإنسان على معنى أنه بين مقاديرها وأوضح تفاصيلها واختلاف أحوالها، من حسنها وقبحها، وفرضها وحلالها، وحرامها ومندوبها. وأما أنه قضاها بمعنى خلقها في الإنسان فباطل لا يجوز، لأنه إن أريد أنه خلقها فيه، لقال سبحانه: وقضى في خلقه بالعصيان ولا يقول قضى عليهم، لأن الخلق إنما يكون في الإنسان لا عليه، مع أنه تعالى قد أبطل هذا القول بقوله: » الّذِي أحْسن كُلّ شيْءٍ خلقهُ [السجدة 7] فهو صريح في عدم وجود القبيح في خلقه، وأن كل فعله حسن، والمعاصي قبائح باتفاق المسلمين، فوجب نفيها عنه سبحانه. وإن أريد أنه قضى عليه بالمعاصي بمعنى أمره بها فقد أبطل هذا القول أيضا، قوله تعالى: إِنّ الله لا يأْمُرُ بِالْفحْشاءِ. أتقُولُون على اللهِ ما لا تعْلمُون؟ [الأراف 28] فهذا صريح في عدم إرادة هذا المعنى. وإن أريد أن الله قضى على الإنسان بالمعاصي بمعنى أعلمه بها، فغير صحيح أيضا. لأن الإنسان لا يعلم في المستقبل بأنه يطيع أو يعصي. ولا يستطيع أن يحيط علما بما يكون فيه على التفصيل. ولأنه لو خلق الطاعة والمعصية في عباده، ليسقط اللوم