اعلم أن العقلاء لهم في هذا الموقف قولان:
الأول: أن هذه المقدمة بديهية.
والثاني: أنها برهانية.
أما القائلون بالقول الأول فقد احتجوا على صحة مذهبهم بأن قالوا: إنا رأينا جمهور العقلاء مطبقين على أنهم إذا أحسوا بحدوث حادث طلبوا له سببا، وإذا سمعوا صوت إنسان اضطروا إلى العلم بحضور ذلك الإنسان، وإذا رأوا حدوث بناء قطعوا بوجود باني، بل نزيد ونقول: إن هذا العلم حاصل في نفوس الأطفال الذين لم يبلغوا إلى كمال العقل، وذلك لأن الطفل إذا كان له مكان وموضع يختص هو به بالتصرف فيه، فإذا وجد فيه طعاما لم يضعه فيه، أو غاب عنه شيء [وضعه [1] ] فيه، فإنه يصيح، ويقول: من الذي أخذه؟
ومن الذي وضعه؟ وذلك يدل على أن فطرة ذلك الطفل تشهد بأن الممكن لا بد له من مرجح، [والحادث لا بد له من محدث [2] ] وإذا كان هذا العلم مركوزا في [غريزة [3] ] نفس ذلك الطفل، علمنا أنه أقوى العلوم البديهية،
(1) من (ز) .
(2) من (ز) .
(3) من (ز) .