لأهل العالم في هذا الباب قولان: فالجمهور الأعظم منهم اتفقوا على تنزيه الله سبحانه وتعالى عن الجسمية، والحصول في الحيز. وقال الباقون: إنه متحيز، وحاصل في الحيز. وهؤلاء هم المجسمة. ثم القائلون بأنه جسم اختلفوا في أشياء.
فالأول: إنهم في الصورة على قولين. منهم من قال: إنه على صورة الإنسان. ومنهم من لا يقول به. أما الأول فالمنقول عن مشبهة المسلمين: أنه تعالى على صورة إنسان شاب. والمنقول عن مشبهة اليهود [1] : إنه على صورة إنسان شيخ.
(1) في التوراة أن الله إله واحد. وفي التوراة أن الله ليس كمثله شيء. ففي الأصحاح السادس من سفر التثنية: «اسمع يا إسرائيل. إن الرب إلهنا رب واحد. فأحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل قدرتك. ولتكن هذه الكلمات التي أنا آمرك بها اليوم في قلبك، وكررها على بنيك وكلمهم بها إذا جلست في بيتك وإذا مشيت في الطريق وإذا نمت وإذا قمت. واعقدها علامة على يدك، ولتكن عصائب بين عينيك، واكتبها على عضائد أبواب بيتك وعلى أبوابك» [تثنية 6: 94ترجمة اليسوعيين] وفي الأصحاح الثالث والثلاثين من سفر التثنية: «لا كفء لله» وفي ترجمة البروتستانت: «ليس مثل الله» [تثنية 33: 26] .
وقال موسى بن ميمون في دلالة الحائرين: إن ما ورد في التوراة مما يوحي بأن الله شبه إنسان بأعضائه وبصفاته. فذلك مؤول على معنى: إن الله يقرب ذاته إلى عقول الخلق، حديثه عن نفسه كأنه واحد منهم. أما هو فليس مثل انسان وليس كمثله شيء وذلك ليفهم الخلق ذات الله