نقول [1] : إن آثار الحكمة في تخليق الشمس ظاهرة من وجوه: الأول: إنه سبحانه وتعالى قدر تحركات الكواكب الثلاثة العلوية، على محيطات تداويرها: أن يكون مجموعها مع حركات مراكزها، على محيطات حواملها، مساوية لحركة الشمس الوسطى. فلا جرم صارت هذه الكواكب في ذرى تداويرها: مقارنة للشمس. وفي حضيض تداويرها مقابلة لها. وأما السفليات فجعلت حركة مركز تدويرها: مساويا لحركة الشمس الوسطى. فلا جرم قد استوفت الحكمة البالغة: أقسام الحركة في مراكز التداوير التي عليها مدار الأدوار. فإن حركة مركز تدوير السفلين: مساوية لحركة جرم الشمس. وحركات مراكز التداوير الثلاثة العلوية: أنقص من حركة الشمس. وحركة مركز تداوير القمر:
أسرع من حركة الشمس. وبهذا الطريق يظهر أن الشمس بالنسبة إليها، كالسلطان بالنسبة إلى العبيد. وسائر الكواكب يتحركون حولها على نسب مخصوصة، موافقة للحكمة والمصلحة. بل نقول: إنه تعالى خلق الشمس في الفلك، كالملك في العالم. فالكواكب كالجنود للملك، والأفلاك كالاقاليم، والبروج كالبلدان، والدرجات كالمحلات، والدقائق كالأزقة. ولما كان الأمر
(1) قال الله تعالى: وسخّر لكُمُ الشّمْس والْقمر دائِبيْنِ. وسخّر لكُمُ اللّيْل والنّهار