[103] الفصل الحادي عشر في تفسير الألفاظ المذكورة في هذا الباب وهي:
المدة، والزمان، والوقت، والسرمد، والازل، والأبد، والنهار، والليل، واليوم، والساعة، والحين، والأجل،
اعلم. أن إيضاح الفرق بين مفهومات هذه الألفاظ مبني على مباحث دقيقة غامضة في المعقولات.
فاللفظ الأول: المدة:
وقد ذكرنا أنها في ذاتها وفي جوهرها موجود باقي دائم مستمر، إلا أن شعور العقل بها إنما يحصل بسبب توالي الآنات الحاضرة، وتعاقبها. فهذا التعاقب والتوالي يشبه كأن بعضها مدد للبعض في الوجود، أو يقال كأن الزمان يمتد بسبب تعاقبها وتواليها. فلهذا السبب سميت بالمدة.
واللفظ الثاني: الزمان:
واعلم أنا بينا أن الزمان موجود غني في ذاته وفي وجوده عن الحركة، بل هو حاصل، سواء حصلت الحركة أم لا، على هذا التقدير نقول: إنه لا تأثير للحركة في وجود المدة والزمان. إنما تأثير الحركة في تقديرها وتحديدها، كما أن البنكانات وسائر الآلات، قد تقدر مدة اليوم بالأجزاء والأبعاض، ثم إن البنكان لا تأثير له في تكوين اليوم وإيجاده، وإنما تأثيره في تقدير أجزائه وأبعاضه. فكذلك هاهنا حركة الفلك لا تأثير لها في إيجاد المدة وإنما