فهرس الكتاب
الصفحة 389 من 2479

[81]الفصل العاشر في أنه هل يصح أن نرى واجب الوجود لذاته؟

اعلم: أنه قد عظم الشغب فيه بين المتكلمين. ويجب قبل الخوض فيه تقديم مقدمات، لا يتم الكلام إلا بتقديمها.

المقدمة الأولى: في تفسير الرؤية. فنقول: إدراك الشيء يقع على ثلاث مراتب. فالمرتبة الأولى: إنا إذا رأينا البناء، علمنا أنه لا بد له من باني.

وهاهنا المعلوم ليس إلا كونه بانيا فأما حقيقته المخصوصة، وذاته المعينة من حيث هي هي، فإنها لا تصير معلومة البتة. والمرتبة الثانية: إنا إذا علمنا الماهية [المخصوصة المسماة باللون عن طريق الإبصار، وعلمنا الماهية المخصوصة المسماة [1] ] بالصوت عن طريق السماع، ثم أغمضنا العين، وسددنا الأذن، فإنا نكون عالمين بحقيقة اللون من حيث إنه هو، وبحقيقة الصوت من حيث إنه هو، ولا شك أن هذه المرتبة أقوى في كونه معلوما متصورا مدركا من المرتبة الأولى. فإنا في المرتبة الأولى ما علمنا الشيء إلا بحسب صفة عرضية من صفاته، وأما في هذه المرتبة فقد علمنا الماهية المخصوصة من حيث إنها هي، فهذه المرتبة أقوى في المعلومية وفي المتصورية من المرتبة الأولى. وأما المرتبة الثالثة في الإدراك: فهو أن ننظر بالعين إلى اللون، وأن نسمع بالأذن ذلك الصوت فإنا حال ما غمضنا العين، كنا عالمين بماهية اللون المخصوص، علما

(1) من (س) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام