اعلم: أن مدار هذا الدليل على إثبات أن الأجسام متساوية في تمام ماهياتها [1] ، وهذا مطلوب صعب الإلزام [2] . فإن لقائل أن يقول: كما أن الصفات متساوية في كونها صفات، ثم إنها مختلفة بحسب ماهياتها المخصوصة، مثل كونها سوادا وبياضا وحلاوة وحموضة، فكذلك لا يبعد كون الأجسام [متساوية] [3] في عموم الحجمية والتحيز، ثم إنها تكون مختلفة بحسب ماهياتها المخصوصة، فجسمية النار مخالفة لجسمية الأرض، وجسمية كل واحد منهما مخالفة لجسمية الفلك، وإذا كان هذا الاحتمال قائما، فإنه يلزم استواء الأجسام في عموم الجسمية استواؤها في ماهياتها المخصوصة، والذي يقوي هذا السؤال: أن المقادير من باب الأعراض [عند الفلاسفة] [4] ، والجسم عبارة عن الذات القابلة لهذه المقادير. وإذا ظهر هذا فنقول: حصل هاهنا أمور ثلاثة: المقبول وهو المقدار، وكون ذات الجسم قابلة لذلك المقدار، وهذه القابلية نسبة مخصوصة بين ذات القابل وبين هذا المقدار، وتلك الذات المحكوم عليها بكونها قابلة لهذا المقدار. فنقول: أما المقادير فلا شك أنها
(1) الماهية (س) .
(2) المرام (س) .
(3) من (س) .
(4) من (س) .