الحجة الأولى: الإيمان نعمة. وكل نعمة فهي من الله تعالى. ينتج: أن الإيمان من الله تعالى. إنما قلنا: إن الإيمان نعمة. لإطباق الأمة على قولهم:
الحمد لله على نعمة الإيمان. وإنما قلنا: إن كل نعمة فهي من الله تعالى. لقوله تعالى: وما بِكُمْ مِنْ نِعْمةٍ فمِن اللهِ [1] .
فإن قيل: لا نسلم أن الإيمان نعمة. والإجماع الذي ادعيتم: ادعيتم:
ممنوع. سلمنا: أنه نعمة، وأن كل نعمة فمن الله، حتى ينتج: أن الإيمان من الله. إلا أنا نقول: إن كل شيء كما يضاف إلى فاعله، لأجل أنه فعله، فكذلك قد يضاف إلى الآمر به، والمعين عليه. لأجل أنه أمر به، وأعان عليه. ألا ترى أن الأب إذا علم ولده الأدب، وأعانه عليه، صح أن يقال:
هذا العلم إنما حصل له من ذلك الأب ومن وجهته، وإن كان لا يقال: إنه فعله.
ونظيره: قول موسى صلوات الله عليه، لما قتل القبطي: هذا مِنْ عملِ الشّيْطانِ [2] وما أراد أن الشيطان قتله، لكن أراد أنه وسوس إليه، حتى حدث ما حدث. فكذا هاهنا.
(1) سورة النحل، آية: 53.
(2) سورة القصص، آية: 15.