فهرس الكتاب
الصفحة 506 من 2479

[55]الفصل الثامن في بيان أن عند حصول الداعي يجب صدور الفعل ولا يبقى الجواز البتة

اعلم. أن من الناس من قال: إن عند حصول الداعي يصير الفعل أولى بالوقوع. لكنه لا ينهي تلك الأولوية إلى حد الوجوب. واعلم أن هذا القول باطل. ويدل عليه وجوه:

الحجة الأولى: إن الفعل والترك قبل حصول الداعي كانا في حد التساوي. وقد بينا أنه ما دام هذا الاستواء يكون باقيا، فإنه يمتنع حصول الفعل فإذا حصلت الداعية الموجبة لرجحان أحد الطرفين، فعند هذه الحالة صار الطرف الثاني مرجوحا. والمرجوح أضعف حالا من المتساوي، ولما كان عند حصول الاستواء: ممتنع الحصول، مستحيل الوقوع، فعند حصول المرجوحية كان أولى بالامتناع. وإذا صار أحد الطرفين ممتنع الوقوع، صار الطرف الآخر واجب الوقوع. ضرورة أن الخروج من طرف النقيضين محال، فيثبت بهذا البرهان. أن الفعل يصير واجب الوقوع عند حصول الداعي.

فإن قيل: إنه إذا حصلت الداعية المرجحة لجانب وجود الفعل، صار جانب وجوده راجحا. وهذا لا يقتضي ضرورة جانب العدم مرجوحا، لأن ذلك العدم عدم باقي مستمر (والعدم الباقي المستمر لا يكون التأثير فيه حال بقائه على ذلك العدم المستمر، فيثبت أن العدم الأصلي نفي) [1] كما كان حال

(1) من (م) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام