اعلم: أنا بينا: أنه لم يوجد دليل يدل على نفيهم [1] وفساد القول بهم.
وظاهر أيضا: أنه لم يوجد دليل عقلي يوجب الجزم بوجودهم. فيبقى الكلام فيهم في حيز التوقف. إلا أنا رأينا الأنبياء عليهم السلام مطبقين على إثباتهم، وعلى القول بوجودهم وذلك حجة قوية من المقدمات المقبولة ورأينا المعزمين مطبقين متفقين على وجودهم، حتى وضعوا لكل رئيس من رؤسائهم: عزيمة معينة. وزعموا: أنهم ينتفعون بهم، ويجدون منهم آثارا صالحة. ورأينا أكثر الزهاد وأرباب المجاهدات والمكاشفات، يزعمون: أنهم شاهدوا الجن، وتكلموا معهم. فإن اتفق لإنسان أن يعتبر هذه الأحوال، ويشاهد شيئا منها، فذاك هو البغية الأسنى، والمقصد الأقصى.
ومن الناس من يحتج عليهم بوجوه أخرى: الحجة الأولى: إن الإنسان إذا ألف الخلوة والوحدة، واشتغل بالتصفية والرياضة، وجد في نفسه، كأن مناجيا يناجيه بكلمات مرتبة منظومة معلومة، ورأى أشخاصا موصوفة بصور مخصوصة وصفات مخصوصة. فنقول: هذه الكلمات وهذه الأشخاص. إما أن تكون عدما محضا ونفيا صرفا، وإما أن
(1) نفيها (م) .