[324] تكون أمورا موجودة في الذهن والخيال، وإما أن تكون أشياء موجودة في الأعيان كائنة في الجود. والقسمان الأولان باطلان، فيبقى الثالث. وذلك هو الجن والشياطين. تناجيه وتناديه في سره وفي قلبه وباطنه.
وإنما قلنا: إن القول بأن تلك الكلمات الواردة في الخواطر، وأن تلك الصور المشاهدة في الباطن، يمتنع أن تكون عدما محضا ونفيا صرفا. وذلك لأنا نسمع تلك الحروف من القلب والباطن، ونفهم معانيها، ونميز بينها وبين غيرها. فلو [1] جاز القول بأنها مع اتصافها بهذه الصفات المعينة والخواص المعينة عدم محض، ونفي صرف. لم يمتنع أيضا في كون هذه الصور المخصوصة [2] بهذه الحواس [3] كونها عدما محضا ونفيا صرفا. وكل ذلك باطل محال.
وأما القسم الثاني: وهو أنها موجودات في الأذهان، لا في الأعيان.
فهذا باطل قطعا. ويدل عليه وجهان [4] :
الأول: إنا لو جوزنا أن تكون هذه الألفاظ المترتبة المتعاقبة، وأن تكون هذه الصور المخصوصة المتميزة عما يغايرها، بألوانها وأشكالها: موجودات في الأذهان لا في الأعيان، فلنجز في هذه الصور [المحسوسة [5] ]: كونها كذلك.
ويلزم منه السفسطة.
والثاني: إن محل هذه الصور. إما أن يكون جسما مخصوصا كدماغ أو قلب، وإما أن يكون جوهرا مجردا. والأول باطل. [لأن الصور العظيمة يمتنع انطباعها في المحل الصغير. والثاني أيضا [6] باطل]. لأن الجوهر المجرد لا يحصل فيه جوانب مختلفة، ولا أجزاء متباينة. وإذا كان كذلك، كانت الصورة
(1) فلو كانت عدما محضا مع اتفاقها بهذه إلخ (م) .
(2) المحسوسة (م) .
(3) الحواس (س) الخواص (ل) .
(4) وجوه [الأصل] .
(5) من (ل) .
(6) سقط (طا، ل) .