والذي يدل عليه [1] : إنّ إدراكات البدن وأفعاله. إما أن تكون موقوفة على الآلات الجسمانية، وإما أن لا تكون. فإن كان الحق هو الثاني، فحينئذ تكون النفس بعد مفارقة الآلات البدنية [2] تتقوى على إدراكات الجزئيات، وعلى الأفعال المخصوصة.
وأما القسم الأول وهو أن يقال: إن الإدراكات الجزئية الحاصلة للنفس، موقوفة على الآلات الجسمانية. فهذا باطل قطعا وذلك لأن إدراكها لتلك الآلة، إما أن يكون إدراكا كليا أو جزئيا. فإن كان كليا اختصاصها بهذا البدن المعين، وبهذه الآلة المعينة، أولى من اختصاصها بسائر الأبدان، وبسائر الآلات. وإن كان ذلك [الأمر إدراكا [3] ] جزئيا، فحينئذ لا يكون إدراكها لتلك الآلة الشخصية، من حيث إنها هي بواسطة استعمال تلك الآلة. لأن استعمالها [4] لتلك الآلة، يتوقف على إدراكها لها. فإن كان إدراكها لها متوقفا على استعمالها لها، لزم الدور. وإنه محال. فثبت بما ذكرنا: إن كون النفس مدركة للجزئيات، غير موقوف على الآلات الجسمانية، وإذا كان الأمر
(1) والذي يدل عليه وجوه الحجة الأولى إلخ [الأصل] .
(2) الجسمانية (م) .
(3) ذلك الإدراك (ل) .
(4) استعماله لها يتوقف (م) .