أما الألم فقد أطبقوا على أنه محال على الله، وأما اللذة فقسمان: لذة جسمانية، ولذة روحانية. أما اللذة الجسمانية فقد أطبقوا على أنها محال على الله. واحتجوا على امتناع هذا الألم وهذه اللذة على الله تعالى بوجهين: الأول: إن اللذة عن إدراك الملائم، والألم عبارة عن إدراك المنافي، وإدراك الملائم والمنافي في مشروط بحصول الملائم والمنافي، وحصول الملائم والمنافي، مشروط بكون الذات قابلة للزيادة والنقصان. وذلك إنما يعقل في حق الجسم الذي يقبل الزيادة والنقصان والنمو والذبول. ولما كان واجب الوجود لذاته، منزها عن الجسمية، كان ثبوت الألم واللذة في حقه محالا. ولقائل أن يقول: إنا نجد عند إدراك الملائم حالة طيبة مسماة باللذة، وعند إدراك المنافي حالة مكروهة مسماة بالألم. ونحن لا نعرف أن تلك الحالة الطيبة المسماة باللذة، هل هي نفس ذلك الإدراك، أو حالة مغايرة لذلك الإدراك حاصلة عند حصول ذلك الإدراك؟ [وبتقدير أن يكون الحق هو أن اللذة حالة مغايرة للإدراك حاصلة عند حصول الإدراك [1] ] فإنه لا يلزم من عدم حصول الملائم والمنافي، عدم اللذة والألم. لأن إدراك الملائم على هذا التقدير يكون سببا لحصول اللذة، وإدراك المنافي يكون سببا لحصول الألم. ولا يلزم من انتفاء
(1) من (و) .