أما الاستعانة بالله: فكقوله تعالى: إِيّاك نسْتعِينُ فاسْتعِذْ بِاللهِ مِن الشّيْطانِ الرّجِيمِ [1] وقُلْ ربِّ أعُوذُ بِك مِنْ همزاتِ الشّياطِينِ [2] اسْتعِينُوا بِاللهِ [3] وتقديره: إن الاستعانة إنما تعقل في حق من يقدر على الفعل، لكنه لا يقدر على إتمامه وإكماله إلا بإعانة المعين. فلو لم يكن العبد قادرا على التكوين والتحصيل كانت إعانته ممتنعة، فكان أمره بالاستعانة عبثا.
وأما الأمر بإعانة بعضهم بعضا. فكقوله تعالى: وتعاونُوا على الْبِرِّ والتّقْوى، ولا تعاونُوا على الْإِثْمِ والْعُدْوانِ [4] ومن لم يقدر على الفعل أصلا فكيف يمكنه إعانة غيره على الفعل؟
والجواب: مذهبنا: أن الملزوم للفعل هو مجموع القدرة والداعي.
وذلك مشروط بإزالة الموانع. فإعانة الله لعبده. هو أن يزيل الموانع عن كون ذلك المجموع مستلزما لذلك الأثر.
وأما إعانة بعضهم بعضا: فهو أنه من الجائز أن لا تكون قدرة الإنسان
(1) سورة النحل، آية: 98.
(2) سورة المؤمنون، آية: 97.
(3) سورة الأعراف، آية: 128.
(4) سورة المائدة، آية: 2.