فهرس الكتاب
الصفحة 2024 من 2479

[85]الفصل الثالث عشر في البحث عن الطريق الذي يعرّف الرسول كونه رسولا من عند الله عز وجل

قال الطاعنون في المعجزات: هب أن الأمة يعرفون بواسطة المعجزات كون الرسول إنسانا أمينا صادقا في دعواه. أما الرسول فكيف يعرف كونه رسولا؟ وذلك لأن ثبوت رسالته، إما أن يكون لأجل أن الله تعالى يرفع الواسطة من البين. ويقول: أيها العبد أنت رسولي إلى الخلق، وإما أن يكون لأجل أن الله تعالى يرسل إليه ملكا، ويقول له ذلك الملك: أنت رسول الله تعالى إلى الخلق.

أما القسم الأول: فبعيد. وأكثر الأنبياء مطبقون على أنهم إنما جاءتهم الرسالة من عند الله بواسطة الملك. فيبقى القسم الثاني، فنقول: كما أن الأمة مفتقرون في التمييز بين المدعي المحق، وبين المدعي المبطل إلى الحجة، فكذلك الرسول لا يمكنه التمييز بين الملك المعصوم، وبين الشيطان المرجوم، إلا بالمعجز. لكن لا سبيل إلى هذا المعجز. وذلك لأن الرسول البشري لا يعرف ما يوافق العادة، في عالم الملائكة، وما يخالف العادة هناك. فكل معجز يأتي به الملك في تقرير أنه محق، فإن الرسول البشري يجوز أن يكون ذلك أمرا موافقا للعادة في عالم الملائكة. وبهذا التقدير فإن ذلك الملك لا يقدر على تقرير الحجة على كونه ملكا معصوما. فإن قالوا: إنه إذا أتى الملك بفعل خاص، ثبت بالدليل أنه لا يقدر على إحداثه أحد إلا الله سبحانه وتعالى فحينئذ يعرف

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام