أما الوجه [1] الأول: وهو ادعاؤهم الضرورة في العلم بحسن الإحسان وقبح الظلم. فنقول: الجواب عنه من وجهين:
الأول: لا شك أن كل تصديق، فإنه يجب أن يكون مسبوقا بتصور ما فيه من الموضوع والمحمول، فقولكم: الإحسان حسن. إن كان المراد منه أنه محبوب الطبع، ومرغوب النفس لكونه سببا لحصول المنافع. فهذا حق صحيح [2] . ولا ننازعكم في أن العلم بحسنه على هذا التفسير. علم ضروري. وأيضا: إن كان المراد من قولكم: الظلم قبيح أنه مكروه الطبع ومبغوض القلب، لكونه سببا لحصول الآلام والغموم والأحزان، فلا نزاع في أن العلم بكونه قبيحا بهذا التفسير علم ضروري، إلا أنه على هذا التفسير [3] (لا يمكن) [4] إثبات الحسن والقبح في حق الله تعالى، لأنه لما صار الحسن والقبح مفسرين بالمنفعة والمضرة، والمصلحة والمفسدة، وكان ذلك في حق الله ممتنعا، كان إثبات الحسن والقبح بهذا التفسير ممتنع الثبوت في حق الله تعالى. وإن أردتم
(1) الرابع والعشرون.
(2) وهذا هو مراد المعتزلة.
(3) التقدير (م) .
(4) من (م) .