فهرس الكتاب
الصفحة 385 من 2479

[77]الفصل التاسع في تفسير قولنا: إن الإله تعالى غير متناهي

اعلم أن هذا اللفظ يطلق في حق الله تعالى تارة بحسب ذاته، وتارة بحسب دوام وجوده، وتارة بحسب صفاته، وقبل الخوض في هذه التفاصيل نقول: إن قولنا للشيء: إنه لا نهاية له قد يذكر بمعنى السلب وقد يذكر بمعنى العدول. أما بمعنى السلب فهو أن يكون المراد: أن الماهية القابلة لمعنى الحد والنهاية مسلوبة عنه. وذلك لأن النهاية عبارة عن طرف مقدار الشيء ومقطعه، وإذا كان خاليا عن المقدار وجب خلوه عن طرف المقدار، لأن عند انتفاء المقدار، يستحيل حصول طرف المقدار وأما بمعنى العدول، فهو أن يكون الشيء له حجمية ومقدار، إلا أنه لا ينتهي مقداره إلى مقطع وحد، بل كلما عددته أو قدرته، فإنك تجد خارجا عنه شيئا آخر منه من غير حاجة إلى التكرير. إذا عرفت هذا فنقول: إذا قلنا: إن ذات الله تعالى غير متناهي، فإنا نريد به معنى السلب. نعني: أنه منزه عن المقدار والحجمية والوضع والحيز، وإذا كان الأمر كذلك فالمعنى الذي لأجله يصح وصف الشيء بأن له حدا أو طرفا، مسلوب عن ذات الله تعالى، فكأن ذاته غير متناهية بهذا التفسير. وهذا عند من يقول إنه تعالى منزه عن المقدار والجسمية والوضع والحيز، أما عند من يقول بهذه المذاهب، فإنه نفس كونه تعالى غير متناهي، إما في جميع الجهات، أو في بعض الجهات بالتفسير الثاني. وهذا هو الكلام في تفسير كونه تعالى غير متناهي، بحسب الذات.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام