اعلم: أن صيغة جعل، قد تجيء متعدية إلى مفعول واحد، ويكون معناها: الإحداث والتكوين. قال تعالى: وجعل الظُّلُماتِ والنُّور [1] وقد تجيء متعدية إلى مفعولين ويكون معناها: جعل الذات موصوفة بصفة. قال تعالى:
وجعلنِي نبِيًّا [2] واجْعلْنا مُسْلِميْنِ لك [3] .
إذا عرفت هذه المقدمة، فلنذكر الدلائل:
الحجة الأولى: قوله تعالى: ربّنا واجْعلْنا مُسْلِميْنِ لك [4] وهذا تصريح بأن العبد لا يصير مسلما، إلا بأن يجعله الله مسلما. وذلك يدل على أن الإسلام يحصل بخلق الله.
فإن قيل: كما أن الجعل يرد بمعنى التصيير، فكذلك يرد لوجوه أخرى:
أولها: وصف الشيء بالشيء. قال تعالى: وجعلُوا الْملائِكة الّذِين هُمْ عِبادُ الرّحْمنِ إِناثاً [5] وقال: وجعلُوا لِلّهِ شُركاء: الْجِنّ [6] .
(1) سورة الأنعام، آية: 1.
(2) سورة مريم، آية: 30.
(3) سورة البقرة، آية: 128.
(4) سورة البقرة، آية: 128.
(5) سورة الزخرف، آية: 19.
(6) سورة الأنعام، آية: 100.