فهرس الكتاب
الصفحة 1569 من 2479

[29]الفصل الرابع في ذكر الدلائل الدالة على ثبوت هذا القسم من الموجودات على سبيل الاجمال

اعلم: أنا قد استقصينا في إثبات هذا المطلوب في أول كتاب «تنزيه الله تعالى» ولا بأس بإعادة بعض الدلائل هاهنا:

الحجة الأولى: إنا أقمنا الدلائل القاهرة في كتاب «الزمان والمكان» على أن المدة: موجود من الموجودات. ثم بينا: أنه لا يجوز أن تكون المدة عبارة عن مقدار الحركة الفلكية. وبينا: أن المدة جوهر قائم بذاته [1] غني عن وجود الحركة ولواحقها. ثم إنا نعلم: أن ذلك الجوهر يمتنع أن يكون جسما، لأن كل ما كان جسما فإنه يكون قريبا، من جسم، وبعيدا من جسم آخر. وبديهة العقل شاهدة بأن نسبة المدة إلى جميع الأشياء على السوية. ويمتنع أن يقال: إن هذه النسبة قريبة من فلان، وبعيدة من فلان آخر. وعند هذا ينعقد قياس من الشكل الثاني، وهو أن كل ما كان مدة، فإن نسبته إلى جميع الأجسام بالقرب والبعد على السوية، ولا شيء مما يكون جسما كذلك. ينتج: فلا شيء من المدة بجسم. فثبت: أن المدة: جوهر. وثبت: أنه ليس بمتحيز، فهو جوهر مجرد، مغاير للجسم، وغير حال فيه. وهو مطلوب.

وهذا المطلوب إنما يتم بالبناء على أصلين:

(1) بنفسه (م)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام