اعلم. أن هؤلاء احتجوا بوجوه: الحجة الأولى: إن القادر لما كانت نسبته إلى الفعل وإلى الترك على السوية، فلو رجح أحد الجانبين على الآخر، من غير مرجح (لكان قد ترجح أحد طرفي الممكن المتساوي على الآخر، من غير مرجح [1] والعلم الضروري حاصل بفساد ذلك. فإن قالوا: النزاع وقع في أن القادر: هل يمكنه أن يرجح أحد مقدوريه على الآخر، لا لمرجح؟ ولما ادعيتم أن ذلك معلوم الامتناع بالضرورة فقد ادعيتم العلم الضروري في محل النزاع. فنقول: إن قولكم:
القادر يرجح أحد مقدوريه على الآخر، لا لمرجح. كلام مشتمل على مغالطة لطيفة. وتقريره: أن نقول: هل لقولك [2] (مرجح) في قولك: القادر يرجح أحد مقدوريه على الآخر (لا لمرجح) [3] : مفهوم زائد على أصل كونه قادر أم لا؟ فإن كان له مفهوم زائد، فذلك المقدور إنما ترجح على المقدور الآخر، لأجل أن هذا المفهوم الزائد انضم إلى أصل كونه قادرا، فصار مجموعهما مؤثرا في وقوعه، فعلى هذا التقدير نقول: إنما ترجح هذا الجانب (على الجانب) [4]
(1) من (م، س) .
(2) الكلام في شرح الأصول الخمسة، وفي المجموع بالمحيط في التكليف، وفي المغني.
(3) من (س) .
(4) من (س) .