[46] الآخر، لأجل أنه اختص هذا الجانب بذلك المفهوم الزائد، فقولكم بعد هذا: إن القادر رجح أحد مقدوريه على الآخر، لا لترجح، يقتضي الجمع بين النقيضين. وذلك لأن قوله: رجح. أفاد أمرا زائدا على أصل كونه قادرا، لأجله ترجح هذا الجانب على الجانب الآخر. وقوله: لا لمرجح، يقتضي نفي هذا الزائد. فيثبت: أن هذا الكلام يوجب الجمع بين المرجح الزائد وبين نفيه. هذا إذا قلنا: إن قوله ترجح، يفيد مفهوما زائدا على المفهوم من كونه قادرا. وأما إذا قلنا: إنه لا يفيد مفهوما زائدا البتة. فحينئذ لا يكون في ذكر هذا اللفظ فائدة [1] فوجب حذفه، والاقتصار على كونه قادرا، وحينئذ يرجع حاصل الكلام إلى أنه قادر على الفعل والترك، ونسبة قدرته إلى الطرفين على التسوية، وأنه لم يخص الجانبين (بالإيقاع والترجيح، ولا بنوع من أنواع التمييز، ثم إنه إن وقع(ف) أحد الجانبين [2] ينفيه. وإذا صرحنا بهذا الكلام على هذا الوجه، فإنه تقضي بديهة عقل كل أحد: أنه كلام باطل فاسد الحجة الثانية: في بيان أن صدور الفعل عن القادر، يتوقف على الداعي:
أن نقول: لنفرض أن هذا القادر كان قادرا على هذا الفعل مدة، ولم يصدر عنه ذلك الفعل. ثم بعد ذلك صدر عنه ذلك الفعل. فنقول: إما أن يقال إنه إنما حدث ذلك الفعل في ذلك الوقت دون ما قبله، لأن هذا القادر أوقعه في ذلك الوقت وما أوقعه فيما قبله. أو يقال: إنه وقع في ذلك الوقت دون ما قبله، لا لأجل أن ذلك القادر أوقعه فيه، (بل وقع هو فيه) [3] لا بسبب أصلا.
أما القسم الأول. فهو يفيد مطلوبنا. وذلك لأنا عللنا وقوعه في ذلك الوقت (بأن ذلك القادر أوقعه في ذلك الوقت) [4] .
فهل لقولنا: أوقعه في ذلك الوقت مفهوم زائد على كونه قادرا أم لا؟ فإن
(1) فائدة (س) .
(2) من (م) .
(3) من (س) .
(4) من (س) .