اعلم [1] أنا قد ذكرنا وجوها كثيرة في باب إثبات كونه تعالى قادرا، ونريد أن نذكر هاهنا وجوها أخرى. فنقول: الكلام في هذا الباب مرتب على قسمين:
أحدهما: في الاعتبارات المأخوذة من أصول الحكمة، الدالة على أن مدبر العالم، يجب أن يكون فاعلا مختارا. لا علة موجبة.
والثاني: الدلائل المذكورة في هذا الباب، في القرآن المجيد. فإذا ضمت الدلائل الستة العقلية في باب القادر، إلى هذه الوجوه، بلغت مبلغا عظيما في الكثرة والقوة.
أما القسم الأول: وهو الاعتبارات المأخوذة من أصول الحكمة: فاعلم أنه قبل الخوض في شرح تلك الاعتبارات، يجب تقديم مقدمة. وهي إن هذه الأجسام المحسوسة: متناهية. وكل متناه، فهو مشكل، ينتج: أن هذه الأجسام المحسوسة فهي مشكلة. وهذه الأشكال قسمان:
(1) عبارة (ت) : «بسم الله الرحمن الرحيم. المقالة الثالثة في تقرير الوجوه الدالة على أن إله العالم فاعلا بالاختيار الخ» وعبارة (ط) : «المقالة الثالثة في إعادة الكلام في تقرير الخ»