الحجة الأولى: إن جمهورا من العقلاء أطبقوا على أن أفضل أقسام البشر: الأنبياء والأولياء والحكماء الإلهيون. أما الحكماء الطبيعيون والرياضيون فالفائدة في وجودهم: لأجل مصالح الحياة العاجلة. ولما كانت هذه الحياة خسيسة، كان الخادمون لها غير موصوفين بالشرف.
وإذا ثبت هذا فنقول: أجمع الأولياء والأنبياء والحكماء الإلهيون: على أن النفس باقية بعد موت البدن، وذلك لأن هؤلاء الفرق الثلاثة حرفتهم وطريقتهم: الإعراض عن الدنيا والإقبال على عالم الآخرة، كما قال تعالى:
والْباقِياتُ الصّالِحاتُ خيْرٌ عِنْد ربِّك ثواباً، وخيْرٌ أملًا [1] وما كانوا يلتفتون إلى أحوال هذه الحياة، وما كانوا يسعون في إصلاحها، بل كأنه لا حرفة لهم إلا تزييف هذه الطريقة وتهجينها. ومن أراد [تحقيق [2] ] ذلك، فليطالع الكتب المشتملة على شرح أحوال الأنبياء، في الزهد في الدنيا، والإقبال على [عبادة [3] ] الله تعالى.
وأما الحكماء. فمن أراد معرفة أحوالهم وسيرهم [في هذه الطريقة،
(1) الكهف 46والتكملة من (طا، ل) .
(2) سقط (م) .
(3) سقط (م) .