البرهان الأول: إن الأجزاء التي لا تتجزأ، يمتنع أن تكون متلاقية.
وإذا كان كذلك، امتنع حصول الأجسام عنها. إنما قلنا: إنه يمتنع كونها متلاقية. لأنها لو تلاقت، لكانت إما أن تكون متلاقية بالكلية، أو لا بالكلية. والقسمان باطلان، فوجب القول بأنه يمتنع كونها متلاقية.
إنما قلنا: إنه يمتنع كونها متلاقية بالكلية. لوجوه: الأول: إنا إذا فرضنا جوهرا واحدا، اتصل به جوهر ثاني فهل صار حجم مجموع الجزءين، أزيد من حجم الجزء الواحد، أو ما حصلت هذه الزيادة؟ فإن كان الأول، فحينئذ يكون كل واحد منها خارجا عن ذات الآخر، وغير نافذ فيه. وعلى هذا التقدير، فلم تصر كلية أحدهما ملاقية لكلية الآخر. وإن كان الثاني، فحينئذ يكون مجموع الجزءين مساويا في الحجم للجزء الواحد فحينئذ لو ضممنا إليه ثالثا ورابعا، وجب أن لا تحصل الزيادة في الحجم. وحينئذ لا تكون هذه المقادير والأحجام، متولدة عن تأليف هذه الأجزاء، وقد فرضنا: أن الأمر كذلك. هذا خلف.
الثاني: إن هذه الأجزاء إذا تداخلت ونفذ بعضها في بعض. فنقول:
إنه لم يحصل الامتياز بينها في أمر من الأمور البتة. فوجب صيرورتها شيئا