أما [1] البحث الأول: فاعلم أنا إذا نظرنا إلى صورة زيد، وحصل علمنا بتلك الصورة على أكمل الوجوه، ثم غمضنا العين وجدنا تفرقة بديهية بين الحالتين، مع أن العلم بتلك الصورة حاصل في الوقتين فعلمنا بهذا الطريق أن الإبصار حالة زائدة على العلم. واختلف الناس فيه. فقال بعضهم: إن ذلك التفاوت يرجع إلى أن صورة المرئي وشكله يحصل في الحدقة وينطبع فيها، فالتفاوت عائد إلى تأثر الحدقة بتلك الصورة. واحتجوا على إثبات هذا الانطباع بوجوه:
الأول: إن من نظر إلى قرص الشمس نظر طويلا تاما، ثم غمض عينيه فإنه يجد قرص الشمس منطبعا في خياله انطباعا تاما، حتى أنه بعد تغميض العين كأنه ينظر إلى ذلك القرص ويشاهده ولو أراد الإنسان دفع ذلك الخيال لم يقدر عليه، فعلمنا أن صورة المرئي ترتسم في الحدقة.
الثاني: إن من نظر إلى روضة خضراء نظرا طويلا بالاستقصاء التام، ثم حول حدقته إلى شيء أبيض اللون، فإنه يرى ذلك الأبيض كأنه لون ممزوج
(1) الفصل التاسع (م) (الفصل التاسع في كونه سميعا بصيرا. هذا البحث أيضا ينقسم إلى ثلاثة أقسام. أولها) : سقط (ت) (البحث عن ماهية السمع والبصر. وثانيها: البحث عن الدلائل على إثبات) : سقط (س) والمناسب ذكر الباب.