اعلم [1] : أنهم ذكروا أنواعا من الدلائل. أقواها دليل التمانع.
فقالوا: لو قدرنا إلهين قادرين على جميع الممكنات، ثم أراد أحدهما تحريك جسم، وأراد الآخر تسكينه، فإما أن يحصل المراد معا، أو يحصل أحدهما دون الآخر. والأقسام الثلاثة باطلة، فكان القول بوجود الإلهين باطلا. أما الحصر فظاهر، وأما أنه يمتنع حصول المرادين معا، فلأنه يلزم منه كون الجسم الواحد دفعة واحدة: متحركا وساكنا معا. وهو محال. وأما أنه يمتنع [2] حصول المرادين معا، فالدليل عليه: أن المانع من حصول مراد هذا، ليس مجرد كون الثاني قادرا، وإنما المانع من حصول مراد الأول هو حصول مراد الثاني، والحكم لا يحصل إلا عند حصول العلة، فامتناع مراد هذا، معلل بحصول مراد ذاك، وامتناع حصول مراد ذاك معلل بحصول مراد هذا، فلو امتنع المرادان معا، لزم حصول المرادين معا، حتى يكون وجود كل واحد منهما مانعا من حصول الآخر، فيثبت: أن امتناع كل واحد منهما، يوجب حصول كل واحد منهما، وما أفضى نفيه إلى ثبوته كان باطلا فالقول بامتناع المرادين معا، وجب أن يكون باطلا. واعلم أنه لو ثبت أن الأعراض [غير [3] ] باقية، حصل لنا
(1) التاسع عشر [الأصل] وفي (س) : على أن الإله واحد، وفي (و) إله العالم.
(2) يمتنع تعذر (و) يمتنع (س) .
(3) من (س) .