اعلم: أن جماعة من الذين قلت بضاعتهم في العلوم الحقيقية، أخذوا يشنعون بأن القول بأن النفس غير البدن: قول مخالف للكتاب والسنة. فوجب الجزم بإبطاله. فلهذا السبب أوردنا [هذا الفصل [1] ] في هذا الكتاب [2] تنبيها على أن الكتاب والسنة مملوءان، من الدلائل الدالة على هذا المطلوب.
فنقول: أما الدلائل القرآنية فمن وجوه: الحجة الأولى: إن القرآن دل على أن السعداء: أحياء بعد الموت، وعلى أن الأشقياء أحياء بعد الموت. وذلك يدل على أن النفس غير البدن [وعلى أنها باقية بعد موت البدن [3] ].
أما بيان ذلك في حق السعداء: فهو قوله تعالى: ولا تحْسبنّ الّذِين قُتِلُوا فِي سبِيلِ اللّهِ: أمْواتاً. بلْ أحْياءٌ عِنْد ربِّهِمْ يُرْزقُون، فرِحِين بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فضْلِهِ [4] ووجه الاستدلال: أن العلم الضروري حاصل بأن هذا البدن
(1) سقط (ل) .
(2) في هذا الباب (ل، ط) .
(3) سقط (طا، ل) .
(4) آل عمران 169168والتكملة من (طا، ل) ويقول القرطبي في تفسيره «وصار قوم إلى أن هذا مجاز. والمعنى: أنهم في حكم الله مستحقون للتنعم في الجنة. وهو كما يقال: