[اعلم [1] ] أن الدلائل الدالة على هذا المطلوب كثيرة: الحجة الأولى: لو كان الجسم المتناهي في المقدار، [قابلا لانقسامات لا نهاية لها، لأمكن كون هذا الجسم المتناهي في المقدار [2] ] مؤلفا، من أجزاء لا نهاية لها بالفعل. والثاني باطل، فالمقدم باطل. بيان الشرطية: إنه لما كان كل واحد من تلك الانقسامات ممكنا في نفسه، ولم يكن دخول بعضها في الوجود مانعا من دخول الباقي في الوجود، فحينئذ يصدق أن كل واحد منها ممكن.
ووجود بعضها لا ينافي وجود الباقي. وكل أشياء يكون كل واحد منها ممكنا في نفسه، ولا يكون وجود البعض مانعا من وجود الباقي، وجب أن يكون حصولها على سبيل الاجتماع: ممكنا. فثبت: أن الجسم المتناهي في المقدار، لو كان قابلا لانقسامات لا نهاية لها، لأمكن كونه مركبا من أجزاء لا نهاية لها بالفعل. وهذا التالي محال باتفاق الفلاسفة، فوجب أن يكون المقدم باطلا.
فإن قيل: الحكماء ما أرادوا بقولهم: الجسم قابل لتقسيمات لا نهاية لها: أنه يصح دخول جميع تلك الانقسامات في الوجود. بل أرادوا: أن الجسم
(1) من (ط) .
(2) من (ط) .