[62] لا ينتهي في الصغر إلى حد، إلا وهو بعد ذلك يقبل الانقسام. وهذا لا يقتضي أن تكون كل تلك التقسيمات ممكنة الحصول.
كما أن المتكلمين. لما قالوا: إنه تعالى قادر على ما لا نهاية له من المقدورات: لم يريدوا به: أنه تعالى يقدر على خلق ما لا نهاية له من المقدورات، بل أرادوا به: أنه تعالى لا ينتهي في تخليق الممكنات إلى حد، إلا ويمكنه الإيجاد والتخليق بعد ذلك. بمعنى: أنه يمكنه الإيجاد بعد الإيجاد، والتكوين بعد التكوين. مع أن كل ما يخرج منها إلى الفعل، فهو متناه. فكذا هاهنا.
وأيضا فكل واحد من مراتب الأعداد، ممكن الحصول. ومجموع المراتب التي لا نهاية لها، ليست ممكنة الحصول. فلم لا يجوز أن يكون هاهنا كذلك؟
السؤال الثاني: هب أن ما ذكرتم لازم على «أرسطاطاليس» وعلى «أبي علي بن سينا» حيث قالا: «إن القسمة الانفكاكية، ممكنة الحصول، إلى غير النهاية» إلا أنه غير لازم على «ديمقراطيس» وشيعته. فإنهم قالوا: «هذه الأجسام المحسوسة، ينتهي تحليل تركيبها، إلى أجزاء أصلية، قابلة للقسمة الوهمية، إلى غير النهاية وليست قابلة للقسمة الانفكاكية» وبهذا التقدير فإنه يندفع المحذور المذكور.
والجواب: أن نقول: نحن ما بنينا دليلنا على كلامهم. بل نقول: لما كان كل واحد من [تلك [1] ] الانقسامات التي لا نهاية لها ممكنا. ولم يكن وجود بعضها مانعا [2] من الباقي، وجب أن يكون مجموعها على صفة الاجتماع ممكنا. وحينئذ يلزم المحذور المذكور. فالفلاسفة سواء قالوا به، أو لم يقولوا به، فالإلزام وارد عليهم، ورودا لا محيص لهم عنه. وأما كونه تعالى قادرا على
(1) من (م) .
(2) ممكنا (ط) .