فالمسألة الأولى: من الناس من قال: إن كونه تعالى عالما بنفسه. واحتج عليه بأن قال: علم الشيء بالشيء نسبة مخصوصة بين العالم وبين المعلوم، وحصول النسبة مشروط بحصول التغاير، فالشيء الواحد، بالاعتبار الواحد، يمتنع حصول النسبة فيه، فيمتنع كونه عالما بنفسه. قالوا: وليس لأحد أن يجيب عن هذا من وجوه:
الأول: إن هذا يبطل بعلم كل واحد منا بنفسه. والثاني: إن اعتبار كونه عالما مغايرا لاعتبار كونه معلوما، وهذا القدر من التغاير يكفي في صحته حصول هذه النسبة.
لأنا نجيب عن الأول فنقول: إن نفس الواحد منا، ليست فردة منزهة عن جميع جهات التركيب، بل لا بد وأن يحصل فيها جهة من جهات التركيب، بل لا بد وأن يحصل فيها جهة من جهات التركب والتألف، فلا جرم أمكن حصر الإضافة والنسبة فيها من بعض الوجوه، فلا جرم صح كونه عالما بنفسه أما ذات الحق سبحانه ف إنها منزهة عن جميع جهات التركيب فردة من كل الوجوه، فيمتنع حصول النسب والإضافات فيها، فوجب أن يمتنع فيه كونه عالما بذاته.