[أعلم أنا سنذكر سورا من القرآن ونفسرها، ليظهر من ذلك التفسير:
صحة هذا الطريق الذي ذكرناه. فمنها: سورة سبِّحِ اسْم ربِّك الْأعْلى [1] فنقول قد علمت أن الأصل هو الإلهيات، والفرع هو النبوات. فلا جرم جرت العادة في القرآن أنه يقع الابتداء بتقرير الإلهيات، ثم يقع [2] الشروع في تقرير النبوات بعدها. ففي هذه السورة بدأ بالإلهيات، فقال: سبِّحِ اسْم ربِّك الْأعْلى ومعناه: أنه أعلى من مناسبة جميع الممكنات. ومشابهة كل المحدثات [3] لأنها مركبة من المادة والصورة باعتبار، ومن الجنس والفصل باعتبار ثاني، ومن قبول التغير والفناء، إما في الذات، وإما في الصفات [وهو سبحانه أعلى من كل هذه الأشياء في كل هذه الصفات [4] ] وفيه لطيفة أخرى لا يمكن ذكرها.
واعلم أن أكثر الدلائل المذكورة في القرآن على إثبات الإله تعالى، محصورة في قاعدة واحدة، وهي حدوث الصفات، وهي إما في الحيوانات، وإما في النبات. والحيوان كذلك له بدن ونفس. فقوله: خلق فسوّى إشارة إلى ما في أبدانها من العجائب. وقوله: والّذِي قدّر فهدى إشارة
(1) أول سورة الأعلى.
(2) إلى هنا: في (ت) في الفصل الثاني في أن القرآن العظيم يدل الخ.
(3) من هنا مذكور في (ت) في فصل تقرير طريقة الفلاسفة.
(4) من (ل) .