[110] إلى ما في نفوسها من الغرائب. فنبه بهذين الضابطين على ما لا نهاية له من العجائب والغرائب، ثم أتبعه بذكر الدلائل المأخوذة من النبات، وهو قوله:
والّذِي أخْرج الْمرْعى، فجعلهُ غُثاءً أحْوى.
ولما قرر أمر الإلهيات، أتبعه بتقرير أمر النبوات. وقد علمت أن كمال حال الأنبياء عليهم السلام. في حصول أمور أربعة: أولها: كمال القوة النظرية [1] وثانيها: كمال القوة العملية. وثالثها: قدرته على تكميل القوة النظرية لغيره. [ورابعها: قدرته على تكميل القوة العملية التي لغيره [2] ] ولا شك أن كمال حاله في القوتين [مقدم على قدرته على تكميل غيره في هاتين القوتين [3] ] ولا شك أن القوة النظرية أشرف من القوة العملية. فهذا البيان يقتضي أن يقع الابتداء أولا بشرح قوته النظرية. وثانيا بشرح قوته العملية.
وثالثا: بكيفية حاله في القدرة على تكميل القوة النظرية التي للناقصين ورابعها:
كيفية حالة في القدرة على تكميل القوة العملية التي للناقصين [4] ] فإذا ظهر كماله في هذه المقامات الأربعة، فحينئذ يظهر أنه بلغ في صفة النبوة والرسالة إلى الغاية القصوى.
إذا عرفت هذا فنقول: إنه تعالى لما ذكر أصول الإلهيات، وأراد الشروع في صفات النبوة، بدأ أولا بكمال حاله في القوة النظرية، فقال: سنُقْرِئُك فلا تنْسى يعني: أن نفسك نفس قدسية آمنة من الغلط والنسيان إِلّا ما شاء اللهُ أن يحصل بمقتضى الجبلة الإنسانية، والطينة البشرية. ثم أتبعه ببيان كمال حاله في القوة العملية فقال: ونُيسِّرُك لِلْيُسْرى ومعناه: أنا نقوي دواعيك في الأعمال التي تفيد اليسر والسعادة في الدنيا والآخرة. ثم لما بين كمال حاله في هذين المقامين، أتبعه بأن أمره بأن يشتغل بتكميل الناقصين، وإرشاد المحتاجين، فقال: فذكِّرْ إِنْ نفعتِ الذِّكْرى فقوله:
فذكِّرْ أمر له بإرشاد الناقصين، وقوله: إِنْ نفعتِ الذِّكْرى [تنبيه على
(1) العلمية (ت) .
(2) سقط (ت) .
(3) سقط (ت) .
(4) من (ل) .