اعلم: أن المعتزلة لما اعتقدوا جريان حكم تحسين العقل وتقبيحه في أفعال الله وفي أحكامه. قالوا: إنا نشاهد حصول هذه الآلام في العباد.
والعقل حكم بأن إيصالها إلى الحيوان من غير سبب: قبيح. وهذا يقتضي امتناع صدوره عن الإله الرحيم الحكيم. فحسنها إما أن يكون للجناية السابقة، على ما هو قول أصحاب التناسخ. وقد ثبت بطلانه. فوجب أن يكون حسنها لأجل [أن الإله [1] ] الحكيم الرحيم، يعطي أعواضا وافية جابرة لجهات مضارها.
ثم المحققون منهم قالوا: لا بدّ من العوض، لتخرج هذه المضار عن كونها [ظلما. ولا بد من الاعتبار لتخرج هذه المضار عن كونها [2] ] عبثا. فإنه لو استأجر رجل [رجلا [3] ] على نزح ماء البحر، وصبه في الجانب الآخر، بمقدار من الأجرة، ولم يكن في ذلك العمل شيء من المنافع والمصالح، فذلك العمل يخرج عن كونه ظلما. إلا أنه يكون عبثا، ويكون فاعله سفيها. فلهذا قالوا: هذه الآلام إنما تحصل [4] لمجموع الأمرين: العوض والاعتبار. فإذا قيل
(1) من (ط) .
(2) من (ط، ت) .
(3) من (م) .
(4) تحسين (م، ت)