أجود ما قيل فيه: أنه الذي يصح منه أن يفعل تارة، وأن لا يفعل أخرى، بحسب الدواعي المختلفة. وتفسير الدواعي: هو أن الإنسان إذا علم أو ظن، أو اعتقد، أن له في الفعل الفلاني مصلحة راجحة. فعند حصول أحد هذه الثلاثة، يحصل في قلبه ميل جازم إلى الفعل (فإن كانت أعضاؤه سليمة فإن عند حصول ذلك الميل في قلبه يصدر عنه ذلك الفعل) [1] وأما إن علم، أو ظن، أو اعتقد أن له في الفعل الفلاني مفسدة راجحة، فعند حصول هذا العلم، او الاعتقاد، أو الظن، يحصل في قلبه نفرة جازمة عن ذلك الفعل، فإن كانت أعضاؤه سليمة، ترتب على حصول تلك النفرة، مع سلامة الأعضاء: الترك. وهذا هو المراد بالداعي.
ويتفرع على ما ذكرناه مباحث: الأول: في بيان السبب الذي لأجله سميت هذه الأشياء الثلاثة بالداعي. فنقول: الدعاء: اسم للقول المخصوص. إلا أن الإنسان إذا علم، أو ظن أو اعتقد أن له في فعل مخصوص خيرا راجحا، فإنه يصير ذلك العلم، أو الاعتقاد، أو الظن، حاملا له على الفعل (فأشبه ذلك كون ذلك
(1) من (س)