اعلم: أن القوم عولوا على وجوه من الكلمات:
فالشبهة الأولى: [من شبهات مثبتى الجسمية [1] ] أن قالوا: لما خلق الله تعالى العالم. فإما أن يقال: إنه خلقه في ذاته، أو في خارج ذاته. والأول باطل بالاتفاق لأنه يلزم أن تكون ذاته مخالطة للقاذورات. والثاني يقتضي كون العالم واقعا خارج ذات الله تعالى، مباينا عن ذاته، فيكون الله تعالى مباينا للعالم بالحيز والجهة، فأما القول بأن العالم واقع [لا [2] في ذات الله ولا في خارج ذات الله تعالى، فهذا مما لا يقبله العقل البتة.
الشبهة الثانية: قالوا: لا شك أن هذا العالم موجود، وذات الله تعالى موجود أيضا، وكل موجودين فلا بد وأن يكون أحدهما ساريا في الآخر، أو مباينا عنه بجهة من الجهات الست. وأما الذي لا يكون ساريا ولا مباينا عنه في شيء من الجهات، فهذا هو العدم المحض، والنفي الصرف فالقول به تصريح بنفي الصانع، وذلك باطل، ألا ترى أنا إذا قلنا في الشيء: إنه غير حاصل في الدار، وغير حاصل أيضا خارج الدار، كان هذا تصريحا بكونه عدما محضا
(1) من (س) وأن (ط) .
(2) من (و) .