فهرس الكتاب
الصفحة 364 من 2479

[56] فقط، فأما أن يكون للأرض الخالية تأثير في غيره، فقليل جدا. وأما الماء فهو أقل كثافة وحجمية من الأرض، فلا جرم حصلت فيه قوة مؤثرة، فإن الماء جاري بطبعه، فإذا اختلط بالأرض أثر فيه أنواعا من التأثيرات وأما الهواء فإنه أقل حجمية وكثافة من الماء، فلا جرم كان أقوى في التأثير من الماء.

ولذلك قال بعضهم: «إن الحياة لا تكمل إلا بالنفس» وزعموا: أنه لا معنى للروح إلا الهواء المستنشق، وأما النار فإنها ألطف من الهواء، فلا جرم كانت أقوى الأجسام العنصرية في التأثير، فإن بقوة الحرارة يحصل الطبخ والنضج، وتكون المواليد الثلاثة أعني: المعادن والحيوان والنبات وأما الأفلاك فإنها لما كانت ألطف من الأجرام العنصرية، لا جرم كانت هي المستولية على هذه العناصر بالتمزيج والتركيب، وهذا على قول أكثر الفلاسفة المتقدمين الذين يقولون: أجرام الأفلاك ليست صلبية، بل هي جارية مجرى الأنوار اللطيفة.

وإذا ثبت هذا. فنقول: هذا الاستقراء يدل على أن الشيء كلما كان أكثر جرمية وحجما كان أقل قوة وتأثيرا، وكلما كان أقوى قوة وتأثيرا، كان أقل حجمية وجرمية، وإذا كان كذلك فهذا الاستقراء يفيد ظنا قويا أنه حيث حصل كمال القوة والقدرة على الإحداث والإيجاد، وجب أن لا يحصل هناك معنى الحجمية والجرمية، والاختصاص بالحيز والجهة، وهذا وإن كان بحثا استقرائيا، إلا أنه عند الاعتبار العام، يفيد كونه سبحانه منزها عن الجسمية، والاختصاص بالحيز، والجهة. [والله أعلم [1] ]

(1) من (و) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام