أعلم: أن جمهور المتكلمين، لا يعولون، إلا على هذا الطريق. وذلك لأنهم يقيمون الدلالة على كون الأجسام محدثة. وحينئذ يقولون: كل جسم محدث، وكل محدث فله علة وصانع. ينتج: أن كل جسم فله فاعل وصانع.
ثم هذا الدليل إنما يتم إذا قلنا: وذلك الفاعل، إن كان محدثا، لزم التسلسل أو الدور، وإن كان قديما، فهو واجب الوجود لذاته. وهو المطلوب. فأما الكلام في إثبات حدوث الأجسام، فسيأتي على سبيل الاستقصاء. وأما الكلام في قولنا: كل محدث فلا بد له من فاعل وصانع.
فموضعه هاهنا.
وهو: أن يقال: كل محدث فهو ممكن الوجود لذاته، وكل ما كان ممكن الوجود لذاته، فله فاعل وصانع، ينتج أن كل محدث فله فاعل. وفي هذا الطريق يستدل بحدوث الأجسام على كونها ممكنة الوجود، ثم يستدل بامكانها هذا، على افتقارهما الى الفاعل.
ونحن نذكر في هذا الفصل: كيفية تقرير [1] هذا الوجه فنقول: كل محدث فهو ممكن الوجود، وكل ممكن الوجود فهو مفتقر إلى المؤثر وإنما قلنا: إن
(1) فموضعه هاهنا. وللناس فيه قولان: أحدهما: أن يقال: كل محدث الخ (س) .