فهرس الكتاب
الصفحة 407 من 2479

[99]الفصل الثاني عشر في تنزيه ذات الله تعالى عن الكيفيات

اعلم: أنا لما دللنا على أنه سبحانه ليس بجسم ولا بجوهر كان ذلك يفيد كونه منزها عن الكمية، ويفيد أيضا كونه منزها عن بعض أقسام الكيفيات، وهو الشكل والخلقة. وأما سائر الكيفيات مثل الألوان والطعوم والروائح، فالقول بإثباتها لله تعالى يستبعده العقل، لأن هذه صفات الأجسام، فكان إثباتها للذات المنزهة عن الجسمية محالا إلا أن لقائل أن يقول: لا يلزم من ثبوت هذه الصفات للأجسام، امتناع ثبوتها لما لا يكون جسما، لأن الماهيات المختلفة لا يمتنع اشتراكها في بعض الصفات.

ومن الناس من قال: إن صفات الإلهية وهي الخلق والتكوين لا تتوقف على حصول هذه الألوان والطعوم. وليس يمكن أن يقال: إن بعض أنواعها من صفات الكمال، وأضدادها من صفات النقص، حتى يمكن القول بأن ما كان منها من صفات الكمال فهو ثابت لله تعالى وما كان من صفات النقص فهو منفي عن الله تعالى. وإذا كان كذلك، فلم يكن ثبوت بعض تلك الصفات لله، أولى من ثبوت البواقي، فإما أن يجب ثبوت كلها لله تعالى، وحينئذ يلزم الجمع بين الضدين، أو يجب تنزيه الله عن الكل. وذلك هو المطلوب.

ولقائل أن يقول: هذا الدليل ضعيف من وجوه:

الأول: إن كيفية النور من صفات الكمال، والمدح. وكيفية الظلمة من

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام