اعلم: أنه احتج بوجوه: الحجة الأولى: على أن معدن الإدراك هو الدماغ.
قال: إن الدماغ منبت العصب، والعصب آلة للإدراك، [1] وما كان منبتا للآلة التي بها الإدراك، وجب أن يكون معدنا لقوة الإدراك.
وهذه الحجة مبنية على مقدمات ثلاثة: أما المقدمة الأولى: وهي أن الدماغ منبت للعصب. فالدليل عليه: أن الأعصاب الكثيرة لا توجد إلا في الدماغ، وأما القلب فلا يحصل فيه إلا عصبة صغيرة، وإذا كان كذلك، وجب أن يكون الدماغ هو المنبت للأعصاب.
وأما المقدمة الثانية: وهي قولنا: إن الأعصاب هي الآلات للحس والحركة. فالدليل عنه: أنك إذا كشفت عن عصبة وشددتها، وجدت ما كان أسفل من موضع الشد، فإنه يبطل عنه الحس والحركة، وما كان أعلى منه مما يلي جانب الدماغ، فإنه لا تبطل عنه قوة الحس والحركة الإرادية، وهذا يدل على أن آلة الحس والحركة الإرادية: هي العصب.
(1) آلة الإدراك (ل) .