[173] وقال عليه السلام: «قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن» وعنى به: أن صدور الفعل تارة، والترك أخرى من العبد، متوقف على أن يحصل في القلب داعي الفعل، أو داعي الترك وحصول هذه الدواعي من الله تعالى.
فعبر النبي عليه السلام عن تينك الداعيتين بالإصبعين. يعني: كما أن الرجل إذا أخذ شيئا بين إصبعين، فإنه يقلبه كيف يشاء، فكذلك القلب مسخر بين هاتين الداعيتين اللتين يخلقهما الله تعالى فيه. فهو تعالى يتصرف في قلوب العباد بواسطة خلق هذه الدواعي فيها. وهذا يدل على أن محل الدواعي والبواعث:
هو القلب.
فإن قال قائل من الجهال [1] : كيف تمسكتم في المباحث الحكمية العقلية.
بالآيات والأخبار؟ قلنا: هذا جهل. لأن الحكيم «أرسطاطاليس» ملأ كتبه من الاستشهاد بقول «أو ميروس [2] » الشاعر، فإذا لم يبعد منه ذلك، فكيف يعاب علينا، إن تمسكنا بهذا الكتاب العالي الشريف [والله أعلم [3] ].
(1) قال المؤلف في كتاب القضاء والقدر وهو الجزء التاسع من كتاب المطالب العالية: إن الاعتماد على الآيات القرآنية في إثبات مذهب الجبر لا يلزم الخصوم، القائلين بالاختيار. وإنما الملزم لهم هو الحجج العقلية. وهو لا يلزم الخصوم عنده لأن ظني الدلالة. وقوله باطل. لأن الحجج العقلية ليست ملزمة لتفاوت العقول في الفهم.
(2) أبقرس (ط) .
(3) من (ل، طا) .